الطعن في قرارات رفض تسليم المعلومة في مشروعات القانون

blog image
  • 18-09-2017, 01:03
  • 5

 

محمد حسن السلامي
من خلال دراستنا للمشاريع المقدمة من قبل السلطة التنفيذية والمقترحة للتشريع بخصوص حق الحصول على المعلومات وجدنا انها 3 مشاريع ، وقد تضمنت اضافة الى تبنيها  لحق الاطلاع  والحصول على المعلومة ، الاجراءات التي تمكن الاعتراض على حالة رفض الموظف او المؤسسة التي اوجبت مشاريع القوانين تقديم المعلومات من قبلها الى الجمهور ، لكن القاعدة في الوجوب قد تكون مستثناة بالرفض وعدم تقديم المعلومة الى طالبها ولاسباب عديدة مثل استثناءات مخصصة في القانون او عدم وجودها لدى المؤسسة او قناعة الموظف او رئيس المؤسسة ..... الخ .
وفي هذه الاحوال يحق لطالب المعلومة والمرفوض طلبه التثبت بكون رفض الموظف او المؤسسة لاعطاء المعلومة كان ضمن الاجراءات الصحيحة القانونية وكذلك لا يشوب الرفض عنصر المزاج والرأي الشخصي للموظف او رئيس المؤسسة او ان الرفض لم يتأسس على نص قانوني تمنع استعمال الحق في الحصول على المعلومة .
لذلك منحت مشاريع القوانين لمن رفض طلبه ان يعترض وفق سياقات قانونية محددة. ومن اجل معرفة المشاريع التي تمت كتابتها في العراق حول موضوع إعمال حق الحصول على المعلومة ؛ نود القول انها 3 مشاريع قوانين حيث كان اولها قد تم تنظيمه في سنة 2011 باسم (( مسودة قانون حق الحصول على المعلومة ) والثاني كان لدى مجلس النواب سنة 2012 وارسل الى هيئة النزاهة بتاريخ 1-11-2012 باسم ( مسودة حق الاطلاع على المعلومات والحصول عليها ) أما المشروع الثالث فقد سمي( قانون حق الحصول على المعلومة) وقد ارخ في 26-09-2013 .
من مباديء تحقيق العدالة لا بد ان يمنح صاحب الحق كل الامكانيات للحصول على الحق ثم يكون لصاحب الحق عند عدم حصوله على ذلك الحق ان يطمأن الى صحة الاجراءات وقانونيتها في نتيجة عدم حصوله على الحق القانوني هذا .
ومن هذا الباب لا بد ان نقدم ملاحظتنا العامة في تقديم عدة مشاريع لقوانين خاصة بموضوع واحد . 
اولا :ان تنظيم مجلس الوزراء لعدة مشاريع للقوانين تعالج وتناقش وتنظم موضوعا واحدا لا بد ان يؤدي الى الارتباك القانوني في التعريفات اوالاحكام ،
ثانيا: كذلك يعني وجود ارتباك اساسي داخل اللجان الخاصة المنظمة للمشاريع ذاتها في مجلس الوزراء حيث تقدم مشاريع مختلفة ومتباينة في الرؤى والأجراءات التي قد تؤدي الى خلل في مفاهيم اكتساب الحق او لا تضمن مصالح اصحاب العلاقة في القانون المعني حسب كل مشروع وبالتالي اضعاف تحقيق و إجراءات العدالة 

اولا  :- الطعن على رفض اعطاء المعلومة في مشروع قانون 2012:

لقد حدد الفصل السادس تحت عنوان الاعتراض من ((مسودة قانون حق الاطلاع  على المعلومات والحصول عليها )) في المواد  28 الى  32 الاسس التالية :-
1-ان دائرة المعلومات تكون جهة الاعتراض او التظلم اضافة الى المؤسسة الخاصة بمصدر المعلومات المطلوبة .
2-التظلم في مدة لا تتجاوز 30 يوما 
3-يمكن ان يكون التظلم على اساسين
أ- رفض الموظف او المؤسسة تقديم المعلومة تحريريا   
ب- الامتناع عن طلب الاجابة عن المعلومات 
4-ان اثبات عدم مخالفة الرفض او الامتناع للقانون تقع على عاتق المؤسسة الرافضة للطلب .
5-* حالة اتخاذ رئيس المؤسسة الرافضة للتظلم قرارا برفض التظلم مع وجوب بيان الاسباب القانونية التي استدعت الرفض
* او حالة قبول التظلم ثم الزام المؤسسة الرافضة تقديم المعلومة لطالبها .
وفي حالة رفض التظلم  قدمت مسودة القانون طريقة الطعن إذ نصت المادة 32امكانية (( لجوء طالب المعلومات الذي تم رفض تظلمه عن عدم منحه المعلومات المطلوبة او عدم قناعته بالاجراءات المتخذة حسب القانون الى القضاء )) .
وهنا لا بد ان نشير الى ان مسودة القانون قد حددت حالات تقديم التظلم على دائرة المعلومات او مصدر المعلومات في حالات معينة مخصوصة في المادة 28 وهي التالي :-
أ- رفض طلب الاطلاع او الحصول على المعلومة 
ب- فرض رسوم مرتفعة على طلب الحصول على المعلومة 
ج- تمديد المدة اللازمة للاطلاع او الحصول على المعلومة بشكل لا يتوافق مع المدد القانونية وهي 10 ايام من تاريخ تقديم الطلب ، لابلاغ طالب المعلومة بقبول او رفض الطلب المادة 20 من المسودة ، اما المادة 24 فتلزم الموظف بتقديم المعلومة خلال فترة 10 ايام من ابلاغ صاحب الطلب بقبول طلبه ، غير انه يمكن تمديد المدة لمرة واحدة لا تزيد عن 20 يوم حسب طبيعة وحجم المعلومة وكيفية تجهيزها لطالب المعلومات .
د- حالة عدم تزويد طالب المعلومة بالمعلومات المطلوبة او تزويده بمعلومات غير صحيحة ضمن سياقات القانون 
ح- امتناع مصدر المعلومة عن الاجابة بقبول او رفض طلب الحصول او الاطلاع على المعلومات خلال الفترة المحددة وهي 10 ايام 
خ- اي حالة يمكن ان يقبل رئيس الدائرة التظلم عنها . 

ملاحظاتنا حول اجراءات الطعن في هذه المسودة :

اولا :- انه من المعايير الهامة في تمكين طالب المعلومة تسهيل الاجراءات بما في ذلك لذوي الاحتياجات الخاصة لذلك نعتقد ضرورة ادراج احدى اسباب التظلم عدم تسهيل وتيسير طلب المعلومات خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة . مع ان المادة 17 قد اشارت الى ان يقوم الموظف بمساعدة الاشخاص غير القادرين على تقديم طلباتهم .
ثانيا :- نعتقد ان المادة 21من مسودة القانون لم تحدد حدود المبالغ التي تفرض كرسوم على طالب المعلومات حيث نصت (( يتحمل طالب المعلومات الكلفة المترتبة على تصوير المعلومات .....))  لكننا نعتقد انه من المفترض ان تحدد وفق اسس معينة مثل :
1-ان لا تتعدى الكلفة التي يتحملها طالب المعلومات القيمة الفعلية لعملية البحث والتجهيز والابلاغ .
2-عندما تكون هنالك مصلحة عامة كالدراسات والبحوث والتحقيقات وما يشمل ذلك من مصلحة يمكن الغاء هذه الرسوم  .
3-ضرورة وضع قواعد مكتوبة ومعلنة لحدود هذه الرسوم وكيفية حسابها وفق قاعدة ومصلحة حق الحصول على المعلومة ، وبحدود التكلفة الفعلية .
ثالثا :- لم نجد ما يشير الى اي من الاجراءات او العقوبات خلال حصول احتمالات التعسف من قبل الموظف او المؤسسة التي تمتنع او ترفض او تعطي معلومات خاطئة وغير صحيحة ، حيث نعتقد انه لا بد من اجراء تحقيق موضوعي للأسباب غير القانونية التي تمت من قبل الموظف المسؤول او المؤسسة الممتنعة او الرافضة في حالة وقوعها .

ثانيا :- مشروع قانون حق الحصول على المعلومة 2013:

ان الالية التي اوردها كاتب مشروع القانون قد ركز على النقاط التالية من اجل الحصول على المعلومة وكيفية الطعن في حالة الرفض بتسليمها :-
1-تقديم الطلب وفق الاستمارة المعدة لذلك والتي تحتوي على البيانات والتفاصيل .
2-وجوب الاجابة على الطلب خلال 10 ايام ويمكن تمديدها لمدة 5 ايام فقط حسب طبيعة المعلومة التي تقتضي التمديد .
3-اعتبار عدم الرد خلال مدة 10 ايام رفضا للطلب .
4-جواز الطعن من قبل طالب المعلومة الذي تم رفض طلبه 
- لدى المفوض العام 
- خلال 7 ايام 
5-ان قرار المفوض العام يكون قطعيا وملزما للجهة التي تم طلب المعلومة منها في حالة تأييده طلب المعلومات .
6-في حالة تأييد المفوض العام لقرار رفض الطلب وعدم تسليم المعلومات .
- يحق لطالب المعلومة الطعن لدى الهيئة العامة بمجلس شورى الدولة 
- في مدة 7 ايام من تأريخ التبليغ بالرفض .
7-يكون قرار الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة قطعيا غيرانه يكون على شرطين :-
 1- كون المعلومة ليست بحوزة الجهة الرافضة .

2-ان تكون المعلومة مستثناة قانونا حسب المادة الرابعة من المشروع .

ملاحظاتنا حول إجراءات الطعن في مشروع القانون :

اولا :- نجد ان المشروع قد اوجد منصب خاص للحصول على المعلومة وهو المفوض العام حيث انشأ المشروع في المادة الاولى هيئة جديدة بأسم الهيئة الوطنية للمعلومات يترأسها المفوض العام للمعلومات ويكون الطعن اولا لديه باعتبار ان المسؤولية القانونية لتنفيذ 
اجراءات واليات حق الحصول على المعلومة لديها .
ثانيا :- لم يتضمن المشروع الموضوعات التي يكون على اساسها الطعن كما اوردتها مسودة قانون حق الاطلاع على المعلومة والحصول عليها )) في المادة 28 
ثالثا :- ان جهة الطعن الثانية التي يكون قرارها قطعيا مع شرطيه الواردين في المادة 26 ثانيا وعند الرجوع والمقارنة بين مشروعي القانوين نجد ان (( مشروع قانون حق الحصول على المعلومة )) قد استبعد الطعن لدى القضاء كما ورد (( مسودة قانون حق الاطلاع على المعلومة والحصول عليها )) بل جعله بين يدي الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة .

صلاحية الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة في الأعتراض :
بعد دراستنا لقانون مجلس شورى الدولة الذي احالت ((مسودة قانون حق الحصول على المعلومة )) كجهة للطعن لديها ويكون قرارها قطعيا وجدنا ان قانون مجلس شورى الدولة المرقم 65 لسنة 1979 قد حدد اختصاصات المجلس في المادة 4 و5 حيث بينت المادة 4((يختص المجلس بالتقنين وأبداء الرأي في الامور القانونية ..... )).  
كما يمكننا ان نورد المواد والنصوص العديدة التي تبعد مجلس شورى الدولة من ان يكون جهة للمقاضاة وتقديم الطعون :- 
تنص المادة 5 ما يلي (( يمارس المجلس في مجال التقنين اولا: إعداد وصياغة مشروعات التشريعات ....    ثانيا : تدقيق جميع مشروعات التشريعات ......
ثالثا: الاسهام في ضمان وحدة التشريع وتوحيد اسس الصياغة التشريعية .... 
اما المادة 6 اوضحت صلاحية مجلس شورى الدولة في (( مجال الرأي والمشورة القانونية ..)) في النقاط التالية  :
1-ابداء المشورة القانونية في المسائل التي تعرضها عليه الجهات العليا. 
2-ابداء المشورة القانونية في الاتفاقيات والمعاهدات ....    
3-ابداء الرأي في المسائل المختلف فيها بين الوزارات او بينها وبين الجهات غير المرتبطة بوزارة إذا احتكم اطراف القضية الى المجلس .....        
4-إبداء الراي في المسائل القانونية إذا حصل تردد لدى إحدى الوزارات ..... 
5-توضيح الاحكام القانونية عند الاستيضاح عنها من قبل احدى الوزرارات .... .

لقد اوردنا باسهاب الفقرات التي حددها قانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 المعدل كمهام واختصاصات من اجل الايضاح وللتأكيد على ان موضوع التقاضي لدى المجلس واعتبار قرار المجلس ملزما امر لم يأت به ولم ينص عليه قانونه اعلاه . فكيف يمكن ان تكون له صلاحية لم ينص عليها ؟؟؟ 
كذلك ملاحظتنا الهامة ان اختيار مجلس شورى الدولة للطعن من قبل طالب المعلومة بعد رفض تسليمه المعلومات غير سليم من زاوية اخرى قانونية ، حيث ان هذا الاختيار يسحب من القضاء صلاحية النظر في موضوع خلاف قانوني نص القانون للمواطن حقا لم يتم الايفاء به وهو صاحب الولاية العامة .
في نفس الوقت نجد ان اختصاصات مجلس شورى الدولة ترتبط بكافة مؤسسات الدولة كوزارات او هيئات غير مرتبطة بالوزارات ، لذلك لم يرد في القانون اية علاقة بين المجلس والشخصية الطبيعية بحيث يمكن ان يقدم طالب الحق الحصول على المعلومة اعتراضه لديها ، فلم نجد امكانية التكييف المناسب لحق الاعتراض لدى الهية العامة لمجلس شورى الدولة في موضوع الاعتراض .
وبالمقارنة مع (( مسودة قانون حق الاطلاع على المعلومة والحصول عليها )) نجد ان المسودة قد منحت حق الطعن النهائي الى القضاء حسب المادة 33 من المسودة . علما ان المنظومة القانونية الحديثة والفقه الدستوري والقانوني عالميا وعراقيا يتجه الى عدم تحصين اي قرار من نظر القضاء له ودليلنا على ذلك ان الدستور قد نص على عدم تحصين اي قرار اداري من الطعن ((يحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل او قرار اداري من الطعن ))  المادة 100 من الدستور ، وقد وردت المادة المذكورة في الباب الثالث تحت عنوان ((السلطة القضائية)) بمعنى ولاية القضاء للقرارات الادارية كافة .
 كذلك فإن القانون الصادر سنة 2005 المرقم 19 باسم (( قانون الغاء النصوص القانونية التي تمنع المحاكم من سماع الدعاوى)) إذ تم فيه منح القضاء حق النظر في كافة التطبيقات القانونية كما نصت المادة رقم 1 (( تلغى النصوص القانونية اينما وردت في القوانين والقرارات الصادرة من مجلس قيادة الثورة المنحل .....الخ )) 
انه لامر يدعو الى الاستغراب عودة التحكم الاداري بعيدا عن القضاء في التصرف بالحقوق القانونية التي تتوسع فيها الدول ضمن اعتبار ان الحقوق اصيلة يجب التوسع في منحها وليس التضييق على ممارستها .
ثم ان((مسودة قانون حق الاطلاع على المعلومة والحصول عليها))منح القضاء صلاحية وحق النظر في الطعون وهو اسبق زمنيا - حسب علمنا في كتابته - من((مسودة قانون حق الحصول على المعلومة )) لكن مسودة القانون الاخير تراجعت عن صلاحية المحاكم في النظر بموضوع الطعون لعدم منح المعلومات ونعتقد ان التراجع سببه محاولة عودة هيمنة وسيادة الفكر البيروقراطي في الادارة العامة للدولة .
لذلك كله ندعو الى ان يكون القضاء هو صاحب الولاية للبت النهائي في موضوع الامتناع او رفض تسليم طالب المعلومة حقه ،انه حق لطالب المعلومة الاحتكام الى القضاء للفصل والحكم في موضوع تسليم المعلومات وإعمال الحق القانوني .